جهود الدولة التركية في مواجهة التضخم وانخفاض سعر الليرة

عدد المشاهدات : 115

من الواضح أن الإدارة التركية حسمت أمرها تجاه معدل الفائدة، الأمر الذي تأكد بعد التصريح الأخير للرئيس أردوغان حول استمرار مكافحته لأضرار معدل الفائدة المرتفع ما بقي في السلطة.

وأكد ذلك أيضاً، قرار البنك المركزي الأخير خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهو القرار الذي ساهم في استمرار الانخفاض الحادّ لليرة، والذي بات لا يعرف تحديداً القاع الذي سترسو عليه.

ومن البديهي كذلك أن الانخفاض الحاد لسعر الليرة سيؤجج معدل التضخم، الذي يعاني من موجة عاتية من الارتفاع المستمر خلال الأشهر الماضية، حتى أوشك أن يبلغ 20%، ليضغط بقوة على المواطن التركي الذي يئنّ من ضغط تكاليفه المعيشية في ظرف ربما لم يواجهُّ منذ عقدين كاملين من الزمان.

وعلى الرغم من أن موجة التضخم في تركيا هي جزء، ونسبياً نتيجة، من موجة تضخم عالمية، بلغت ذروتها في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا اللتين حقّقتا أرقاماً قياسية للتضخم لم تشهداها منذ عدة عقود سابقة، فإن موجة التضخم التركية كانت أكثر عنفاً وتأثيراً على المواطن التركي بعد الانخفاضات المتتالية لقيمة الليرة، وهو الأمر الذي يجعل للحالة التركية خصوصية مرحلية، تحتّم اتخاذ حزمة من الإجراءات والبرامج التي تساند المواطن التركي في هذه المواجهة الصعبة.

وبعيداً عن التجاذبات حول مؤامرات المضاربة العالمية في الليرة التركية، وعدم رضا الفاعلين الرئيسيين في النظام المالي العالمي حول التوجه التركي بمحاربة سعر الفائدة، والذي ربما يشكّل من وجهة نظرهم عدوى يجب وقفها قبل انتقالها وتطبيقها في دول أخرى، وبعيداً كذلك عن التخمينات الرائجة، التي ترى سعي الإدارة التركية لاقتناص موضع جديد في النظام الاقتصادي العالمي الجديد، الذي بات يتشكّل بعد تداعيات فيروس كورونا، وأن انخفاض الليرة المتعمد يسرّع حركة الصادرات والسياحة التركية، وهو ماحدث فعلياً خلال الفترة الأخيرة، فإنه من الواجب فتح أبواب النقاش الواسعة حول واجبات الدولة التركية تجاه مواطنيها في هذا الظرف شديد الحساسية والصعوبة.

 

التعليقات


لا يوجد


إذا أردت إضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول